الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحسن الله عزاءك في أمك، ونسأله أن يغفر لها ويرحمها ويتقبلها قبولا حسنا ويجمعك بها في الفردوس الأعلى، ونشكرك على حرصك على مساعدتك في مصاريف البيت، ودعائك لها بعد موتها والتصدق عنها، ولا شك في أن هذا من البر الذي نرجو أن تجدي ذخره في هذه الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وبر الوالدين مشروع بعد موتهما كما هو مشروع في حياتهما، وراجعي في ذلك الفتوى: 7893.
ونوصيك بالاستمرار في هذا البر، وما دمت على هذه الحال معها، فلو قدر أن كان قد وقع منك تقصير في حقها، فالمرجو أن يعفو الله عنك ويرضيها عنك إن كانت قد سخطت عليك؛ قال تعالى: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا {الإسراء:25}.
قال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر كالفلتة، والزلة تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما لا يريد بذلك بأسا، قال الله تعالى: إن تكونوا صالحين ـ أي صادقين في نية البر بالوالدين، فإن الله يغفر البادرة وقوله: فإنه كان للأوابين غفورا ـ وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة. اهـ.
فوصيتنا لك أن تجتهدي في نسيان الماضي وأن تستشرفي المستقبل، وننبه إلى أن اتباع المرأة للجنازة مكروه في قول جمهور الفقهاء، كما سبق بيانه في الفتوى: 146889.
وننبه أيضا إلى أن زيارة المرأة للقبور للعظة والدعاء للميت مشروعة إذا أمنت المفسدة، هذا المفتى به عندنا، وفي المسألة خلاف، والخروج من الخلاف وترك الزيارة أولى، ولتكتف المرأة بالدعاء، فذلك مما ينفع الميت.
والله أعلم.