الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
قد أحسنت بحرصك على البر بأبيك، ونسأل الله تعالى أن يصلح الحال، ويرزقك رضا الله تعالى، ورضا والدك عنك، ونوصيك بكثرة دعاء الله عز وجل أن يرزقه سلوك سبيل الرشد، والصواب، ويحسن التعامل معك، ومع أخواتك، فهذا الدعاء من أعظم البر، ومن المقرر شرعاً أن الوالد - أباً كان أم أماً - من حقه بره، والإحسان إليه، مهما أساء، وظلم، وسبق أن بينا ذلك بأدلته، ويمكنك مطالعة الفتوى: 435385.
وجزاك الله خيراً على حرصك على مساعدة أبيك، ولا يجب عليك طلب مساعدته، إلا إذا احتاج لمساعدتك، أو طلب منك المساعدة، وجبت عليك طاعته، ولا يجوز لك الامتناع لغير ضررٍ يمكن أن يلحقك، ولا تمتنعي لمجرد ما قد تجدين منه من أذًى وإهانةٍ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية، وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا فيما فيه منفعةٌ لهما، ولا ضرر، فإن شق عليه، ولم يضره، وجب، وإلا فلا. اهـ.
وابتعادك عنه، إن لم يكن عن قطيعةٍ منك له، ولم يكن يتأذى منه، لا حرج عليك فيه، وخاصةً إن كنت تتقين بذلك ما قد يكون منه من أذًى لك، فلا تكونين عاقةً له بالابتعاد عنه، وقد نقل العيني في كتابه عمدة القاري، عن الشيخ تقي الدين السبكي، وهو يبين ضابط العقوق، أنه قال: إن ضابط العقوق: إيذاؤهما بأي نوعٍ كان، من أنواع الأذى، قلّ، أو كثر، نهيا عنه، أو لم ينهيا، أو يخالفهما فيما يأمران، أو ينهيان؛ بشرط انتفاء المعصية. اهـ.
والله أعلم.