الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك يلعب بالورق، ويقضي فيه الأوقات الطويلة، فمن بِرِّكم به السعي في إصلاحه، وكثرة الدعاء له بخير، والاستعانة بمن لهم وجاهة عنده ليبذلوا له النصح بالحسنى، ويُذَكِّروه بما هو فيه من السن، وأنه ينبغي أن يكون همه عمل الآخرة، ويبينوا له الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أعذر الله إلى امرئٍ أخَّر أجله حتى بلغه ستين سنة.
قال ابن الجوزي في صيد الخاطر: فإذا بلغ الستين فقد أعذر الله إليه في الأجل، وجاز من الزمن أخطره. فليقبل بكليته على جمع زاده، وتهيئة آلات السفر. وليعتقد أن كل يوم يحيا فيه غنيمة ما هي في الحساب. خصوصا إذا قوي عليه الضعف وزاد. وكلما علت سنه فينبغي أن يزيد اجتهاده. فإذا دخل في عشر الثمانين فليس إلا الوداع وما بقي من العمر إلا أسف على تفريط، أو تعبد على ضعف. اهـ.
فإن صلح حاله، وانتفع بالنصح؛ فالحمد لله، وإلا؛ فاصبروا عليه، واستمروا في الدعاء له بخير.
وقولك:( وهل جعل اللعب أياما محددة في الأسبوع معصية وعقوق لوالده؟ ) لم نفهم المقصود منه على وجه التحديد، فإن كان المقصود منعه من اللعب إلا لأيام معينة، فليس لك الحق في إجباره على ذلك، وهذا قد يرتب عليه العقوق إن تأذى بهذا المنع، وغاية ما يمكنك فعله هو الإقناع وبذل النصح، فإن استجاب فذاك، وإلا فقد أديت ما عليك.
جاء في كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح: فصل من أمر الوالدين بالمعروف، وينهاهما عن المنكر، وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. اهـ.
وينبغي كذلك نصحه بالصلاة في جماعة في المسجد إن كان يحتمل ذلك ولا يضره، وإن كان يظن استواء الأجر إن صلى في بيته أو صلى في المسجد، فيوضح له خطأ هذا الظن. نسأل الله تعالى له حسن الخاتمة.
والله أعلم.