الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن منهج أهل السنة والجماعة ألا يحكموا لأحد من أهل القبلة بعينه بجنة ولا نار إلا ما ورد النص بتعينه، ولكنهم يرجون للمحسنين الجنة، ويخشون على المسيئين من النار، ويعتقدون أن من مات من المسلمين لا يشرك بالله شيئاً لا يخلد في النار مهما عظمت ذنوبه، ويطلقون وصف الشهادة على من قتل مجاهداً في سبيل الله -حسب الظاهر- ومن قتل دون نفسه دفاعا عنها أو دفاعا عن أهله وماله....
وقد وردت الأدلة الصريحة الصحيحة على جواز إطلاق الشهادة على هذا النوع، فقد قال الصحابة رضوان الله عليهم والنبي صلى الله عليه وسلم يستمع: فلان شهيد وفلان شهيد حتى مروا على رجل فقالوا: فلان شهيد، فقال صلى الله عليه وسلم: كلا، إني رأيته في النار في عباءة غلها أو بردة غلها.... والحديث أخرجه مسلم وغيره.
وفيه دليل على جواز إطلاق الشهادة على من قتل شهيداً حسبما يبدو لنا لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الصحابة ذلك، والذي لا ينبغي أن يقال ذلك على سبيل الجزم والقطع وذلك لا يعرف ولا يكون إلا عن طريق الوحي، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم العلاء الأنصارية رضي الله عنها عندما قالت لعثمان بن مظعون بعد وفاته: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله، فقال لها صلى الله عليه وسلم: وما يدريك أن الله أكرمه؟ فقالت: بأبي أنت يا رسول الله فمن يكرمه الله؟ فقال: أما هو فقد جاءه اليقين، والله إني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي، قالت: فوالله لا أزكي أحدا بعده أبدا. رواه البخاري وغيره.
والحاصل أنه لا مانع من أن يقال فلان شهيد، أو يطلق ذلك على سبيل الإجمال لأنه حكم بالظاهر، وأما من حكم له النبي صلى الله عليه وسلم بالشهادة كالمبطون.. فيشترط فيه أن يكون مسلماً، والمسلمون فيهم الظالم لنفسه والمقتصد والسابق بالخيرات، وأما الكافر فلا يدخل في هذا قطعاً، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18137، 26390، 4625.
والله أعلم.