الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على تحرّيك للحلال، وخشيتك من الحرام، ونسأل أن ييسر أمرك، وأن يفرّج همّك، وأن يكشف غمّك، وأن يرزقك من حيث لا تحتسب؛ إنه سميع مجيب.
وأما ما سألت عنه، فجوابه: أن هذه المعاملة تعد قرضًا ربويًّا محرمًا، والربا لا خير فيه، والمستجير به عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار، وإنما يزيّنه الشيطان، ويغري المرء به؛ ليوقعه في حبائله، فإن وقع؛ لم يكد يخلص.
فلا يباح للمرء الإقدام على الربا، ما لم تلجئه إليه ضرورة معتبرة، قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}، والضرورة وفق ما جاء في كتاب: نظرية الضرورة الشرعية، هي: أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر، أو أذى بالنفس، أو بالعضو -أي عضو من أعضاء النفس-، أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال، وتوابعها. ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته؛ دفعًا للضرر عنه في غالب ظنه، ضمن قيود الشرع. اهـ. وللفائدة راجع الفتوى: 1420.
وسبل الحلال كثيرة لمن تحرّاها وابتغاها، ومن اتقى الله عوّضه خيرًا مما فاته، وأعانه، ورزقه، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}، وقال: وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}.
ونوصيك بكثرة الاستغفار، وبما جاء في سنن أبي داود من حديث أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار، يقال له: أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة، ما لي أراك جالسًا في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني، وديون -يا رسول الله-، قال: أفلا أعلّمك كلامًا إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همّك، وقضى عنك دَينك؟ قال: قلت: بلى، يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت، وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهمّ والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجُبْن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدَّين وقهر الرجال. قال: ففعلت ذلك؛ فأذهب الله عز وجل همّي، وقضي عني دَيني.
والله أعلم.