الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد وردت الأحاديث الداله على أن الملائكة تحف حلق الذكر سواء كانت في المسجد أو في غيره .
فمن ما ورد في المسجد
ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه
ومما ورد على العموم في المسجد وفي غيره :
ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله تعالى ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوما يذكرون الله عز وجل تنادوا هلموا إلى حاجتكم فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا فيسألهم ربهم وهو أعلم ما يقول عبادي قال يقولون يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك فيقول هل رأوني فيقولون لا والله ما رأوك فيقول كيف لو رأوني قال يقولون لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيدا وأكثر لك تسبيحا فيقول فماذا يسألون قال يقولون يسألونك الجنة قال يقول وهل رأوها قال يقولون لا والله يارب ما رأوها قال يقول فكيف لو رأوها قال يقولون لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا وأشد لها طلبا وأعظم فيها رغبة قال فمم يتعوذون قال يقولون يتعوذون من النار قال فيقول وهل رأوها قال يقولون لا والله ما رأوها فيقول كيف لو رأوها قال يقولون لو رأوها كانوا أشد منها فرارا وأشد لها مخافة قال فيقول فأشهدكم أني قد غفرت لهم قال يقول ملك من الملائكة فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة قال هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم
وما أخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري : أن أسيد بن حضير بينما هو ليلة يقرأ في مربده إذ جالت فرسه فقرأ ثم جالت أخرى فقرأ ثم جالت أيضا قال أسيد فخشيت أن تطأ يحيى فقمت إليها فإذا مثل الظلة فوق رأسي فيها أمثال السرج عرجت في الجو حتى ما أراها قال فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله بينما أنا البارحة من جوف الليل أقرأ في مربدي إذ جالت فرسي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرإ بن حضير قال فقرأت ثم جالت أيضا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرإ بن حضير قال فقرأت ثم جالت أيضا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرإ بن حضير قال فانصرفت وكان يحيى قريبا منها خشيت أن تطأه فرأيت مثل الظلة فيها أمثال السرج عرجت في الجو حتى ما أراها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الملائكة كانت تستمع لك ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم .
قال ابن منظور في لسان العرب : و الـمربد: الـموضع الذي تـحبس فـيه الإِبل وغيرها.. و الـمِرْبد: فضاء وراء البـيوت يرتفق به . و الـمِرْبد: كالـحُجرة فـي الدار . و مرْبد التمر: جَرِينه الذي يوضع فـيه بعد الـجداد لـيـيبس
وما أخرجه البزار عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :إن لله سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر ، فإذا أتوا عليهم وحفوا بهم ، ثم بعثوا رائدهم إلى السماء إلى رب العزة تبارك وتعالى فيقولون : ربنا أتينا على عباد من عبادك يعظمون آلاءك ، ويتلون كتابك ، ويصلون على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، ويسألونك لآخرتهم ودنياهم ، فيقول تبارك وتعالى : غشوهم رحمتي ، فيقولون : يا رب إن فيهم فلانا الخطاء إنما اعتنقهم اعتناقا ! فيقول تبارك وتعالى : غشوهم رحمتي فهم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم " .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه البزار من طريق زائدة بن أبي الرقاد ، عن زياد النميري ، وكلاهما وثق على ضعفه ، فعاد هذا إسناده حسن .
والله أعلم.