الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل هو وجوب الإمساك عن سبّ موتى المسلمين، وتَحاشِي ذِكْر أفعالهم السيئة؛ لما جاء في الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبّوا الأموات؛ فإنهم قد أفضَوا إلى ما قدّموا. أخرجه البخاري.
لكن إن كان ذكر أفعال الموتى المجاهرين بالسوء لمصلحة شرعية -كالتحذير، والتنفير من أفعالهم-؛ فحينئذ لا حرج في ذِكْرها، ويدلّ لذلك حديث أنس بن مالك، قال: مرّ بجنازة، فأُثنِيَ عليها خيرًا، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: وجبت، وجبت، وجبت، ومرَّ بجنازة فأُثنِي عليها شرًّا، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: وجبت، وجبت، وجبت. قال عمر: فِدىً لك أبي وأمّي، مرّ بجنازة، فأثني عليها خير، فقلت: وجبت، وجبت، وجبت، ومرّ بجنازة، فأثني عليها شرّ، فقلت: وجبت، وجبت، وجبت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسل-: من أثنيتم عليه خيرًا؛ وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرًّا؛ وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض. أخرجه البخاري ومسلم.
قال النووي في الأذكار: واختلف العلماء في الجمع بين هذه النصوص على أقوال، أصحّها وأظهرها: أن أموات الكفار يجوز ذِكْر مساويهم. وأما أموات المسلمين المعلِنين بفسق، أو بدعة، أو نحوهما، فيجوز ذكرهم بذلك، إذا كان فيه مصلحة لحاجة إليه؛ للتحذير من حالهم، والتنفير من قبول ما قالوه والاقتداء بهم فيما فعلوه، وإن لم تكن حاجة؛ لم يجز. وعلى هذا التفصيل تنزّل هذه النصوص، وقد أجمع العلماء على جرح المجروح من الرواة. اهـ.
فلا يجوز ذكر تلك الفتاة -رحمها الله- بما كانت تُجاهِر به من سوء، إلا لمصلحة شرعية، لا لمجرد التسلية.
وراجعي للفائدة الفتويين: 133679، 238444.
والله أعلم.