الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر لأبيك ويرحمه، وأن يرفع درجاته في عليين، وأن يجمعك به في عالي الجنان، ونسأله أن يردك إلى جادة الاستقامة، ونوصيك بكثرة الدعاء بنحو ما رواه مسلمٌ، عن زيد بن أرقم ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها، ومولاها.
ونرجو أن تستفيد من التوجيهات التي ضمناها الفتاوى: 12928، 10800، 1208.
وإن كانت مجادلتك لوالدك في حدود الأدب، وبقصد النصيحة، والإصلاح، فلا حرج عليك في ذلك ـ إن شاء الله ـ وأما إن كان فيها نوعٌ من تجاوز حدود الأدب، أو كانت على وجهٍ قد يؤذي والدك، ويغضبه، فهذا نوعٌ من العقوق، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: والمراد به – أي العقوق – صدور ما يتأذى به الوالد من ولده من قولٍ، أو فعلٍ، إلا في شركٍ، أو معصيةٍ؛ ما لم يتعنت الوالد. اهـ.
فتجب التوبة في هذه الحالة، وراجع في شروط التوبة الفتوى: 29785.
وعليك بالإكثار من الدعاء لوالدك بخيرٍ، وبره بما تستطيع، فالبر لا ينقطع بالموت، كما هو مبينٌ في الفتوى: 203998.
والوسواس ينتفي به التكليف، إذا وصل بصاحبه إلى حدٍ لا يعي ما يقول، وأما مع الاختيار، فإنه يكون مكلفاً، ومؤاخذاً بتصرفاته من الأقوال، والأفعال، قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}.
والله أعلم.