الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت زوجة جدك قد نطقت الشهادة عند الاحتضار؛ فهذه علامة خير، فقد ثبت في سنن أبي داود عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة. وفي رواية أحمد في المسند: وجبت له الجنة.
وهي قد أفضت إلى ربها -وهو أعلم بحالها-، فقد تكون لها حسنات ماحية للذنوب، أو مصائب مكفرة كهذا المرض الذي أصابها، فاكتسبت بذلك رضا ربها عنها.
وكونها قد آذت أمك وأعمامك وعماتك -إن صح ذلك- قد لا يمنع من أن يختم لها خاتمة حسنة، فما يدريك أن يكونوا قد سامحوها فيما فعلت، وإن لم يفعلوا، فقد يرضيهم الله عنها يوم القيامة بما شاء، وإن لم يكن هذا وذاك، فيمكن أن يقتص لهم منها، فالأمر لله من قبل ومن بعد. فلا تشغل نفسك بالتفكير في هذا.
والأصل براءة ذمتها مما نسب إليها من عمل السحر، فالواجب أن يحسن الظن بالمسلم حتى يتبين أن الأمر خلاف ذلك، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ{الحجرات:12}، ولا يجوز أن ينسب إليها ذلك لمجرد ما ذكره الراقي حتى يثبت ذلك ببينة، وكلام الجني على لسان المريض لا يعول عليه، فإن منهم من هم مطبوعون على الكذب، وقد قال تعالى: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا {الجن:11}، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة -رضي الله عنه-: صدقك، وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟ قال: لا. قال: ذاك شيطان. رواه البخاري.
وما سمعته من أن كل ظالم يقتص الله منه قبل موته بعقوبة، أو سوء خاتمة، أو غيرها؛ لا نعلم له أصلا في الشرع.
والله أعلم.