الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما بالنسبة للكسب، فلا علاقة له بحكم القسم؛ فحكم الكسب تابع لحكم العمل نفسه في الترجمة، فما دام العمل مباحًا؛ فكسبه كذلك.
وأما بالنسبة للقسم: فالراجح أن الحلف بغير الله -كالحلف بالشرف، والعرض، وغير ذلك- لا يجوز، وأنه من شرك الألفاظ، وراجع في ذلك الفتوى: 26378.
وأما بخصوص حال السائل، فالذي نراه أنه إن كان محتاجًا للعمل في دائرة أخرى من دوائر الدولة؛ فله أن يترخّص بهذا القسم، وينوي به تأكيد الكلام بالمقسم به، لا تعظيمه، ويعتمد في ذلك على مذهب من قال بكراهة مثل هذا الحلف، لا بحرمته، وهو مذهب المالكية، والشافعية، قال ابن رشد في «المقدمات الممهدات»: الأيمان تنقسم على ثلاثة أقسام: مباحة، ومكروهة، ومحظورة:
فالمباحة: الحلف بالله تعالى، أو باسم من أسمائه الحسنى، أو بصفة من صفاته العلى ...
والمكروهة: الحلف بغير الله تعالى؛ لقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر بن الخطاب -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ-: «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفًا، فليحلف بالله، أو ليصمت» ...
والمحظورة أن يحلف باللات، والعزى، والطواغيت، أو بشيء مما يعبد من دون الله تعالى؛ لأن الحلف بالشيء تعظيم له، والتعظيم لهذه الأشياء كفر بالله تعالى. اهـ.
وقال النووي في «روضة الطالبين»: الحلف بالمخلوق مكروه، كالنبي، والكعبة، وجبريل، والصحابة، والآل، قال الشافعي -رحمه الله-: "أخشى أن يكون الحلف بغير الله تعالى معصية"، قال الأصحاب: أي حرامًا وإثمًا؛ فأشار إلى تردد فيه.
قال الإمام: والمذهب القطع بأنه ليس بحرام، بل مكروه. اهـ.
والله أعلم.