الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالظاهر لنا -والله أعلم- أنّ هذا المال الذي أعطاه الشخص لأمّك؛ لا يحلّ لها؛ إلا إذا أخبرته بأنها غير مدينة، فرضي بإعطائها المال.
أمّا إذا لم تخبره بحقيقة حالها؛ فلا حقّ لها في هذا المال؛ وذلك أنّ الرجل أعطاها المال لسداد الدين، بقرينة سؤاله عن قدر الدين الذي أخبرته أمكم به، فلا يحل لها ما دامت غير مدينة.
قال الرملي -رحمه الله- في نهاية المحتاج: وحيث أعطاه على ظَنِّ صفة، وهو في الباطن بخلافها، ولو علم ما به لم يعطه، لم يملك الآخذ ما أخذه. انتهى.
وفي حاشية الشرواني -رحمه الله-: أما لو أظهر الفاقة، وظنه الدافع متصفا بها، فلم يملك ما أخذه؛ لأنه قبضه من غير رضا من صاحبه؛ إذ لم يسمح له إلا على ظن الفاقة. انتهى.
فكلمي أمّك برفق وأدب، وبَيِّني لها حكم هذا المال؛ وإن خشيت من غضبها وعدم قبولها؛ فوسطي من يكلمها في ذلك من الأقارب، أو غيرهم ممن تقبل قولهم.
وإذا أصرَّت أمّك على أخذ المال دون إخبار صاحبه بحقيقة الحال؛ فهو مال محرم. لكن إذا كانت لأمّك أموال أخرى حلال؛ فيصير مالها مختلطا. فإذا أنفقت عليك، فلا حرج عليك. وأمّا إذا لم يكن لها سوى هذا المال؛ فلا يحل لك.
والله أعلم.