الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما فهمته من عدم صحة البيع إذا لم يتم قبض الثمن، أو المُثمَن بمجلس العقد، ليس على إطلاقه، وإنما يُشترَط ذلك في بيع السَّلَم، وهو بيع موصوف في الذمّة؛ فهنا لا بدّ من تسليم الثمن بمجلس العقد -حقيقةً أو حكمًا-، وإلا كان من بيع دَين بدَين، وهو ممنوع، كما يشترط قبض العِوَضين بمجلس العقد في بيع الربويات.
وأما بيع عين غائبة عن مجلس العقد؛ فيصحّ، ولا يلزم تسليم الثمن بمجلس العقد، هذا من حيث الإجمال.
وأما موضع العقد مع المهندس الذي أصلح الجوال مع كون إصلاحه يستلزم قطعة مقابل مبلغ معلوم لذلك كله؛ فهو من قبيل الجمع بين الإجارة والبيع في عقد واحد، وهذا جائز في أظهر قولي أهل العلم، وهو المشهور عند المالكية، والأصحّ عند الشافعية، وأقوى الروايتين عند الحنابلة، جاء في الإنصاف: وإن جمع بين بيع وإجارة، أو بيع وصرف، صح فيهما. انتهى
وقال ابن تيمية -رحمه الله-: ويجوز الجمع بين البيع والإجارة في عقد واحد، في أظهر قوليهم. اهـ.
وللفائدة انظر الفتاوى: 450856، 11368، 12753.
والله أعلم.