الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمجرد الشكّ لا تُبنَى عليه الأحكام، وإنما تُبنَى على اليقين، أو الظنّ الغالب، قال الشاطبي في الموافقات: الشارع قد أجرى الظنّ في ترتّب الأحكام مجرى القطع، فمتى ظنّ وجود سبب الحكم، استحقّ السبب للاعتبار؛ فقد قام الدليل القطعيّ على أن الدلائل الظنيّة تجري في فروع الشريعة مجرى الدلائل القطعية. اهـ.
وقال في موضع آخر: ولكن ليس هذا الفرض بناء على مجرد تحسين الظنّ، بل على نفس الظنّ المستند إلى دليل يثيره، والظنّ الذي يكون هكذا، قد ينتهض في الشرع سببًا لبناء الأحكام عليه. اهـ.
وقال المقري في قواعده: المعتبر في الأسباب، والبراءة، وكل ما ترتّبت عليه الأحكام: العلم. ولما تعذّر أو تعسّر في أكثر ذلك، أقيم الظنّ مقامه؛ لقربه منه. اهـ.
والقاعدة عند الفقهاء: أن الظنّ الغالب ينزّل منزلة التحقيق، قال الدكتور الزحيلي في شرح هذه القاعدة في كتاب (القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة): غالب الظنّ عند الفقهاء مُلحَق باليقين، وتُبنَى عليه الأحكام العملية، ويجب العمل به باتّفاق، إذا لم يوجد دليل قاطع من النصوص، ولا معارِض له أرجح منه. اهـ.
وعلى ذلك؛ فإن كان ما عند السائلة لا يتعدّى الشك، فليس عليها من حرج.
وأما إن كان عندها ظنّ غالب بسبب قرائن الأحوال، وشيوع استعمال السحر في بيئتها بهذه الطريقة؛ فقد أخطأت حين أهملت ظنّها، وعليها بعد ذلك أن تعمل بمقتضى ظنّها الغالب.
وعلى أية حال؛ فإنها لم تتعمّد إعانة من يريد عمل السحر؛ بدليل امتناعها عن عمل نسخة من الصورة ابتداء.
فلتستغفر الله تعالى، ولتتدارك مثل ذلك إذا حصل لاحقًا.
والله أعلم.