الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك المغفرة، والعفو، والعافية، والستر في الدنيا والآخرة، وأن يتوفَّنا مسلمين، ويلحقنا بالصالحين.
واعلم أنّ كتابتك لأملاكك لبناتك وزوجتك؛ إن كان المقصود بها: أن يملكنها بعد موتك؛ فهذه وصية، والوصية للوارث لا تصحّ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حقّ حقّه؛ فلا وصية لوارث. رواه أبو داود. وفي رواية: إلا أن يشاء الورثة.
وأمّا إن كان المقصود بالكتابة: العطية في الحياة، بحيث يقبضنها، ويملكن التصرف فيها في حياتك، وحال صحتك ورُشْدك؛ فهذه هبة جائزة، لكن هبة الأولاد تجب فيها التسوية بينهم، على القول الراجح عندنا؛ إلا إذا فضّلت البنت المريضة في العطية بسبب مرضها؛ فهذا جائز، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فإن خصّ بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه -مثل اختصاصه بحاجة، أو زَمَانة، أو عمى، أو كثرة عائلة، أو اشتغاله بالعلم، أو نحوه من الفضائل-، أو صرف عطيته عن بعض ولده -لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله، أو ينفقه فيها-؛ فقد روي عن أحمد ما يدلّ على جواز ذلك. انتهى. وراجع الفتوى: 33801، والفتوى: 6242.
كما أنّ هبة الرجل دار سكناه لزوجته؛ لا تصحّ عند كثير من أهل العلم، فبعضهم لا يجيزون أن يهب الرجل دار سكناه لزوجته، وبعضهم يشترط لصحّتها خلوّ الدار من أمتعة غير الزوجة الموهوب لها، وانظر الفتوى: 114780.
وننبهك على أنه لا يجوز قصد حرمان بعض الورثة، وراجع الفتوى: 403594.
والله أعلم.