الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على حرصك على برّ زوجك بأمّه، وهو مأمور شرعًا ببِرّها، والإحسان إليها حتى ولو كانت غير مسلمة، كما قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}، قال ابن كثير في تفسيره: أي: إن حرصا عليك كل الحرص على أن تتابعهما على دِينهما؛ فلا تقبل منهما ذلك، ولا يمنعنك ذلك من أن تصاحبهما في الدنيا معروفًا، أي: محسنًا إليهما. اهـ.
وروى مسلم عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت: قدمت عليّ أمّي وهي مشرِكة في عهد قريش، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، قدمت عليّ أمّي وهي مشركة راغبة، أَفَأَصِلُ أمّي؟ قال: نعم، صِلِي أمّك.
وليس من برّه بأمّه أن يرافق أخاه أو أخته إلى أمر منكَر، أو يعينهما عليه.
ولا يجوز له طاعتها في ذلك؛ فالطاعة إنما تكون في المعروف، ولا فرق في هذا بين كون الأم مسلمة أم غير مسلمة.
وإن أمرته بمرافقة أخته أو أخته في أمر مباح؛ فليطعها، إن لم يترتب عليه من ذلك ضرر في دِين، أو دنيا.
وينبغي له على كل حال أن يعمل على مداراتها بحيث يتّقي غضبها قدر الإمكان.
ونوصيكما بالصبر عليها، وليكن بينكما تفاهم في أمر التعامل معها؛ حتى لا تكون سببًا في إثارة شيء من المشاكل بينكما.
وغيرة الأمّ من زوجة ابنها يكثر حدوثها، وقد تكون سببًا لكثير من المشاكل، وحكمة الزوجين هي المعوّل عليه -بعد الله عز وجل- في تجاوز ذلك.
وليس صحيحًا ما ذكرته أمّه من أن أسرة ولدها هي أمّه وإخوته فقط، بل عليه واجبات تجاهك كزوجة له، كما أن له عليك واجبات، كما قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228}.
والله أعلم.