الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في عدم دفع صدقة التطوع لأولئك السائلين مع الشك في كونهم محتاجين، وإن دفعتها إليهم، فلك أجرها، وإن لم يكونوا في الحقيقة محتاجين؛ لأن صدقة التطوع تدفع حتى للغنيّ.
وإن كانت الصدقة فريضة -كالزكاة-؛ فإنه يتعيّن عدم دفعها لهم؛ لأنها لا تدفع مع الشك في كون الآخذ من أهلها، بل لا بد من العلم، أو غلبة الظن أنهم من أهلها، قال البهوتي -الحنبلي- في كشاف القناع: وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَّا لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ يَظُنُّهُ مِنْ أَهْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، فَاحْتَاجَ إلَى الْعِلْمِ بِهِ؛ لِتَحْصُلَ الْبَرَاءَةُ، وَالظَّنُّ يَقُومُ مَقَامَ الْعِلْمِ؛ لِتَعَذُّرِ، أَوْ عُسْرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ، فَلَوْ لَمْ يَظُنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا، فَدَفَعَهَا إلَيْهِ، ثُمَّ بَانَ مِنْ أَهْلِهَا؛ لَمْ يُجْزِئْهُ. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: إِذَا دَفَعَ الْمُزَكِّي الزَّكَاةَ وَهُوَ شَاكٌّ فِي أَنَّ مَنْ دُفِعَتْ إِلَيْهِ مَصْرِفٌ مِنْ مَصَارِفِهَا، وَلَمْ يَتَحَرَّ، أَوْ تَحَرَّى وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَنَّهُ مَصْرِفٌ؛ فَهُوَ عَلَى الْفَسَادِ. اهــ.
والله أعلم.