الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فممارسة رياضة كمال الأجسام أو تضخيمها، لا حرج فيها إذا خلت من المحاذير الشرعية، وانظر الفتوى: 108579.
ثم بعد ذلك يحمد المرء أو يذم على ممارستها بحسب غايته ومقصده أولا، ثم بحسب طريقة ممارسته ثانيا.
وأما كون الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- لم يمارسوا هذا النوع من الرياضة، فهذا صحيح في حدود اطلاعنا، فلا نعلم أن هذه الرياضة كانت موجودة في زمانهم أصلا.
وأما الاستدلال على ذم هذا النوع من الرياضة بالحديث المتفق عليه: مثل المؤمن كمثل خامة الزرع يفيء ورقه من حيث أتتها الريح تكفِئها، فإذا سكنت اعتدلت، وكذلك المؤمن يُكفأُ بالبلاء، ومثل الكافر كمثل الأرزة صماء معتدلة حتى يقصمها الله إذا شاء. فهو استدلال لا يصح معنى، ولا يستقيم لفظا، فالحديث -كما هو ظاهر من لفظ هذه الرواية- أنه مثل مضروب لتعرض المؤمن للبلاء مقارنة بعافية المنافق.
ولذلك قال الحافظ ابن رجب في رسالته في شرح هذا الحديث: في هذه الأحاديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ضرب مثل المؤمن في إصابة البلاء لجسده بخامة الزرع ...
ففي هذا فضيلة عظيمة للمؤمن بابتلائه في الدنيا في جسده بأنواع البلاء، وتمييز له على الفاجر والمنافق بأنه لا يصيبه البلاء حتى يموت بحاله، فيلقى الله بذنوبه كلها، فيستحق العقوبة عليها. اهـ.
ولذلك أوردنا هذا الحديث في بيان ثواب أهل البلاء، كما في الفتوى: 354445.
والله أعلم.