الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهنيئًا لك ما أنعم الله عز وجل به عليك من نعمة طلب العلم، وما رزقك من همّة في طلبه؛ فجزاك الله خيرًا، ووفّقك إلى العمل، وجعل هذا العلم حُجّة لك يوم القيامة، ورفع به درجاتك في الجنة.
وسؤالك الأول قد سبقت الإجابة عن مثله في الفتويين: 14961، 370354، وقد أوضحنا فيهما أن الاستماع للعلم عبر الوسائط فيه من الخير ما فيه، ولكنه لا يدخل في معنى الاجتماع المذكور في الحديث الذي أشرتِ إليه.
ولم نطّلع على ما يدل على أن الدعاء في مثل هذا المجلس أفضل من غيره، ولكن الدعاء في مجالس الذِّكْر مما تُرجَى إجابته، كما ذكر ذلك المناوي في فيض القدير، والسفاريني في غذاء الألباب، وانظري للمزيد الفتوى: 192107.
ومهما أمكنك الاستماع للعلم في وقت فراغ، كان أفضل؛ فذلك أدعى للإنصات، والفهم، والتدوين، والإعانة على الحفظ، جاء في روضة العقلاء ونزهة الفضلاء عن سفيان الثوري أنه كان يقول: أول العلم الإنصات، ثم الاستماع، ثم الحفظ، ثم العمل به، ثم النشر. اهـ
ومع ذلك؛ فإن لم تجدي سبيلًا للاستماع إلا أثناء العمل؛ فلا حرج، واجتهدي في جانب الإنصات، والمتابعة قدر الإمكان، وسدّدي، وقاربي، قال تعالى: فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}.
والجمهور على أن الإنصات لتلاوة القرآن مستحبّة، وليست واجبة، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 22205، وإذا كان هذا في جانب الإنصات للقرآن؛ فأولى أن لا يجب الإنصات لغيره من العلم.
والله أعلم.