الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر لوالدكم، ولسائر موتى المسلمين، وأن يربط على قلوبكم، ويأجركم في مصيبتكم، ومن مات على تلك الحال التي ذكرتها في السؤال من الصلاح في الدين، والمحافظة على الصلاة والصدقة والصيام؛ فإنه يرجى له الخير، ولا يخاف عليه -إن شاء الله تعالى-، وقد قال الله -عز وجل-: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ {سورة يونس:62 ــ63}. فكل مؤمن تقي فهو ولي لله تعالى، ولا يخاف عليه، لا في الدنيا، ولا في الآخرة.
وإن كان آخر ما تكلم به والدكم -رحمه الله- قبل دخوله في الغيبوبة هو الشهادة؛ فهذا فضل عظيم، ويرجى له أن يكون ممن قال فيهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ. رواه أبو داود وأحمد واللفظ له، وعند ابن حبان: مَنْ كَانَ آخِرُ كَلِمَتِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ عِنْدَ الْمَوْتِ، دَخَلَ الْجَنَّةَ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ، وَإِنْ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ.
وأما هل من مات بالربو يعتبر شهيدا؛ فالجواب: أنا لا ندري هل له حكم المبطون أم لا؟ لكن مرض الربو مرض مزمن من جملة الأمراض والمصائب التي يؤجر من أصيب بها، ويكفي أن كل ما يصيب المسلم في هذه الدنيا من الأمراض والمؤذيات يكفر الله به ذنوبه إذا هو قابل ذلك بالصبر واحتساب الأجر عند الله تعالى، قال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة:155-157}.
وتراجع الفتويين التاليتين: 28603، 104281.
والله أعلم.