الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لصاحب السلس أن يصلي بوضوء واحد أكثر من فريضة، إذا لم ينتقض وضوؤه بغير السلس، وليس عليه أن يتوضأ من السلس لكل صلاة، على القول الراجح.
قال ابن قدامة في المغني: يَجُوزُ لِلْمُسْتَحَاضَةِ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ حَمْنَةَ بِنْتَ جَحْشٍ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ، وَأَمَرَ بِهِ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ» وَغَيْرُ الْمُسْتَحَاضَةِ مِنْ أَهْلِ الْأَعْذَارِ مَقِيسٌ عَلَيْهَا، وَمُلْحَقٌ بِهَا.
ثم قال: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمُسْتَحَاضَةِ، وَلِمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ، وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمَا؛ لِمَا رَوَيْنَا مِن الْحَدِيثِ. اهـ.
وعلى ذلك؛ فلا حرج على صاحب السلس أن يصلي عددا من الصلوات بوضوء واحد إذا لم ينتقض وضوؤه بغير السلس، وأن يجمع بين مشتركتي الوقت -الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء- جمع تقديم، أو جمع تأخير، حسب ما تيسر له.
قال ابن قدامة في المغني: وَالْمَرِيضُ مُخَيَّرٌ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كَالْمُسَافِرِ. فَإِن اسْتَوَى عِنْدَهُ الْأَمْرَانِ فَالتَّأْخِيرُ أَوْلَى. اهـ.
وليس هذا جمعا بين رأيين مختلفين، وإنما هو عمل بالأدلة، كما رأيت من كلام ابن قدامة رحمه تعالى.
والله أعلم.