الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان صاحبك له مال ينفقه بإسراف؛ فهذا يعني أنه ليس من الفقراء والمساكين، وحاجته ليست بسبب قلة ماله، وإنما بسبب إسرافه، فلا يعطى من الزكاة، والهدف من الزكاة هو سد حاجة الفقراء والمساكين، وليس إعانة المسرفين والمبذرين، وقد بينا في فتاوى سابقة أن من كانت حاجته بسبب إسرافه وتبذيره، لا يعطى من الزكاة، ما دام دخله يكفيه. وانظر الفتوى: 125605، والفتوى: 113460.
وأما إن كان صاحبك لا يسرف، ودخله لا يكفيه لتكاليف الزواج وتأجير السكن -كما يفهم من قولك عنه إنه معسر في الأصل-؛ فإنه يعطى من الزكاة ما يتمم حاجته، وانظر الفتوى: 397327. في دفع الزكاة للمقبل على الزواج، و الفتوى: 130292. في بيان تجهيز زواج المرأة من الزكاة، والفتوى: 54021، والفتوى: 188187. وكلتاهما في بيان أن العاجز عن تكاليف الزواج يعتبر من الفقراء.
وأما هل لك أن تشترط عليه إن أعطيته الزكاة أن ينفقها في شيء معين؛ فالظاهر أنه ليس لك أن تشترط ذلك عليه؛ لأن من أخذ الزكاة بوصف الفقر إذا قبض الزكاة ملكها، وصرفها فيما شاء، كما نص عليه الفقهاء.
قال البهوتي الحنبلي في شرح الإقناع: قَاعِدَةُ (الْمَذْهَبِ) كَمَا ذَكَرَهُ الْمَجْدُ وَتَبِعَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ أَخَذَ بِسَبَبٍ يَسْتَقِرُّ الْأَخْذُ بِهِ، وَهُوَ الْفَقْرُ وَالْمَسْكَنَةُ، وَالْعِمَالَةُ وَالتَّأَلُّفُ، صَرَفَهُ فِيمَا شَاءَ كَسَائِرِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَضَافَ إلَيْهِمْ الزَّكَاةَ، فَاللَّامُ للْمِلْكِ. وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ الْأَخْذُ بِذَلِكَ السَّبَبِ صَرَفَهُ -أَيْ الْمَأْخُوذَ- فِيمَا أَخَذَهُ لَهُ خَاصَّةً، لِعَدَمِ ثُبُوتِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَإِنَّمَا يَمْلُكُهُ مُرَاعًى، فَإِنْ صَرَفَهُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي اسْتَحَقَّ الْأَخْذَ بِهَا، وَإِلَّا اُسْتُرْجِعَ مِنْهُ، كَاَلَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُكَاتَبُ وَالْغَارِمُ وَالْغَازِي وَابْنُ السَّبِيلِ. اهـ
والله أعلم.