الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه الطلقة الأولى، فهي طلقة رجعية، وكونها عند المأذون، أو وصفها بأنها بائن، لا اعتبار له في قول أكثر أهل العلم، ولا ينفي كونها رجعية، كما بينا في الفتوى: 62691.
وبناء عليه؛ فيملك زوجك رجعتك، ولو لم ترتضي ذلك؛ فقد جعل الشرع الرجعة حقًّا للزوج، قال ابن قدامة في المغني: ولا يعتبر في الرجعة رضا المرأة؛ لقول الله تعالى: {وبعولتهنّ أحقّ بردهنّ في ذلك إن أرادوا إصلاحًا}، فجعل الحق لهم، وقال سبحانه: {فأمسكوهنّ بمعروف}، فخاطب الأزواج بالأمر، ولم يجعل لهنّ اختيارًا.
ولأن الرجعة إمساك للمرأة بحكم الزوجية؛ فلم يعتبر رضاها في ذلك، كالتي في صلب نكاحه.
وأجمع أهل العلم على هذا.... انتهى.
فإن كان الحال ما ذكرت من أن زوجك قد قال لك: "أرجعتك إلى عصمتي"، فهي رجعة صحيحة، وأنت الآن في عصمة زوجك، ولو أنك في بيت أهلك.
ولا أثر للعدّة بعد أن أرجعك لعصمته.
ولا يجوز لك الزواج من آخر؛ لكونك في عصمته، لا لكونك في عدّة الطلاق، والزوجية مانع من الزواج باتفاق الفقهاء، قال ابن رشد في بداية المجتهد: الفصل الثاني عشر في مانع الزوجية. وأما مانع الزوجية: فإنهم اتفقوا على أن الزوجية بين المسلمين مانعة... انتهى.
ودليل ذلك قوله تعالى عند ذكر المحرمات من النساء: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ {النساء:24}، أي: المتزوجات.
وحاصل الأمر: أنك زوجته، وليس في حاجة إلى أن يجدّد العقد.
وتوثيق الرجعة أو الإشهاد عليها، لا يلزم، ولكنه أفضل؛ حَسْمًا لأبواب النزاع، وانظري الفتوى: 110801.
وننبهكما إلى أن تجعلا التروّي، والحوار أساسًا للتفاهم، وأن يكون بينكما احترام متبادل، يعينكما في حسن مسيرة الحياة الزوجية، وتماسك الأسرة.
والله أعلم.