الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب في حق الجنب هو الاغتسال، ولا يتحقّق إلا بجريان الماء على العضو المغسول، قال النووي في روضة الطالبين: يشترط في غسل الأعضاء: جريان الماء على العضو، بلا خلاف. اهـ.
وقال في المجموع: أجمع العلماء على أن الجنب لو مسح بدنه بالماء، وكرّر ذلك، لا ترتفع جنابته، بل يشترط جري الماء على الأعضاء. اهـ.
وقال الجصاص في أحكام القرآن: لا يحصل معنى الغسل إلا بجريان الماء على العضو، وانتقاله من موضع إلى موضع؛ فلذلك لم يكن مستعملًا بحصوله من موضع، وانتقاله إلى غيره من ذلك العضو.
وأما المسح فلو اقتصر فيه على إمساس الماء الموضع من غير جري، لجاز. اهـ.
وعليه؛ فلا يكفي مسح العضو في الغسل بمنديل مبلل، ولو كان مبللًا بماء طهور.
ولا يصحّ التيمم إلا إذا لم يجد ماء، أو كان يحصل له الضرر باستعمال الماء، قال الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً [المائدة:6].
وأما من يخاف فوات الوقت باشتغاله باستعمال الماء، ففي ما يجب عليه فعله اختلاف بين أهل العلم: هل يحافظ على الصلاة في الوقت، فيتيمّم ويصلي، أم يشتغل باستعمال الماء، ولو خرج الوقت؟
والذي نرجّحه هو أنه يغتسل وإن خرج الوقت، ولا ينتقل إلى التيمم ليدرك الوقت، قال ابن قدامة في المغني: وإذا كان الماء موجودًا إلا أنه إذا اشتغل بتحصيله واستعماله، فات الوقت، لم يبح له التيمم سواء كان حاضرًا أو مسافرًا في قول أكثر أهل العلم، منهم الشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر، وأصحاب الرأي.
وعن الأوزاعي، والثوري له التيمم. رواه عنهما الوليد بن مسلم، قال الوليد: فذكرت ذلك لمالك، وابن أبي ذئب، وسعيد بن عبد العزيز، فقالوا: يغتسل، وإن طلعت الشمس؛ وذلك لقول الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا... [النساء:43]. انتهى.
والله أعلم.