الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما وصفه الأخ السائل بكونه مجرد خاصية تتيح المخاطرة بتداول الأموال، إنما يُكيَّف شرعا على أنه قرض، باعتباره مضمونا على المنتفع به، وإلا لما استحق شيئا من ربحه. وبذلك يكون الوسيط في حكم المقرض، فإذا اشترط أن يكون التعامل في هذا المبلغ من خلاله فقط، فقد جر لنفسه بذلك نفعا.
ومع ذلك، فما أشار إليه السائل من كون هذا المال ليس مالا حقيقيا يمكن سحبه والتصرف فيه، فهذا بحد ذاته سببا لفساد المعاملة وحرمتها؛ لأن الوسيط لا يملك أموال الرافعة ملكا حقيقيا مستقرا، وإنما هو مجرد التزام عليه وليس نقدًا حقيقيًّا، فما هي إلا أرقام يقيدها المضاربون بينهم للاستفادة من فروق الأسعار، فحقيقة العقد أن السمسار أقرض العميل ما ليس عنده، والعميل باع ما لا يملك، مع ما سبق من اجتماع الشرط مع القرض، وكل هذه الأمور منهي عنها، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك. رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة، وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى: 368797.
والله أعلم.