الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر -كما ذكرتَ- من أن القطعة الذهبية ملك لأختك، فلا تبرأ ذمتك أنت، ولا ذمة أبيك، إلا بإرجاعها لأختك.
أو أن تطلب منها أن تُحِلَّكما وتسامحك في أخذها، أو في التصدق بها عنها، وإلا أثمت، وأثم أبوك.
غير أنه يوجد احتمال آخر فيما ذكرت، وهو أن يكون أبوك قد ملك هذه القطعة الذهبية بأن اشتراها من أختك أو وهبتها له، وهنا وجب عليك التأكد من أختك.
فإن كان هذا الاحتمال هو الواقع، كانت هذه القطعة من مال الورثة، تقسم عليهم حسب أنصبتهم من الميراث، ولا يحق لك والحالة هذه أن تستأثر بها إلا برضا الورثة.
لأن أباك إما أنه أوصى لك بها، فتكون وصية لوارث، وهي لا تجوز، ولا تمضي إلا أن يجيزها بقية الورثة.
وإما أنه وهبها لك في مرض موته، فتكون داخلة في حكم الوصية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه، وحسنه السيوطي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه.
وقال ابن قدامة في المغني: وَحُكْمُ الْعَطَايَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ، حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَقِفَ نُفُوذُهَا عَلَى خُرُوجِهَا مِن الثُّلُثِ، أَوْ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ.
الثَّانِي: أَنَّهَا لَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ، إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ.... اهــ.
وما طلبته من أختك من مسامحة أبيك المسامحة العامة، فالأحوط والأرجح عندنا أنّ التحلّل من الحقوق المالية؛ لا يكفي فيه التحلّل العام من صاحب الحق، بل لا بد من إعلام صاحب الحق بقدر المال المأخوذ منه.
وراجع الفتويين: 300748، 391468.
وأما ما ذكرته من استحالة فضح أبيك، فلا يلزم من رد الحق فضح أبيك، فلن تُعْدَمَ من سلوك طريق توصل بها الحق. ولا يفتضح بها أمر أبيك.
والله أعلم.