الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة مما اختلف فيه أهل العلم، والقول الراجح أن التوبة العامة الصادقة الشاملة لجميع الذنوب، تكفي صاحبها حتى من ذنوبه التي لا يتذكرها، أو لا يستحضرها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من تاب توبة عامة، كانت هذه التوبة مقتضية لغفران الذنوب كلها؛ وإن لم يستحضر أعيان الذنوب. إلا أن يعارض هذا العام معارض يوجب التخصيص، مثل أن يكون بعض الذنوب لو استحضره لم يتب منه؛ لقوة إرادته إياه، أو لاعتقاده أنه حسن ليس بقبيح.
فما كان لو استحضره لم يتب منه، لم يدخل في التوبة. وأما ما كان لو حضر بعينه لكان مما يتوب منه، فإن التوبة العامة شاملته. اهـ.
وراجعي في ذلك الفتويين: 434899، 451471.
ومن الأحاديث والأدعية النبوية التي فيها استغفار عام، مما علِمه العبد من ذنوبه وما جهله، ما علَّمه النبي صلى الله عليه وسلم لحصين -والد عمران- أن يقول: اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت، وما أخطأت وما عمدت، وما علمت وما جهلت. رواه أحمد، وصححه الحافظ ابن حجر في الإصابة، والعراقي في تخريج الإحياء. وقال الهيثمي في المجمع: ورجاله رجال الصحيح. اهـ.
وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء: اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني. اللهم اغفر لي جِدِّي وهَزْلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي. اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده: اللهم اغفر لي ذنبي كله، ِدقَّه وجِلَّه، وأوله وآخره، وعلانيته وسره.
وفي الصحيحين عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم.
وراجعي في ذلك، الفتويين: 142149، 451372.
والله أعلم.