الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن اطّلع على قيام هذه الفتاة بمثل هذا المنكر، فحقّها عليه أن ينصحها، ففي الحديث الذي رواه مسلم عن تميم الداري- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة.
قال النووي في شرحه على مسلم نقلًا عن بعض أهل العلم في بيان معنى النصيحة للمسلمين: وأما نصيحة عامة المسلمين، وهم من عدا ولاة الأمر؛ فإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم، وكفّ الأذى عنهم، فيعلّمهم ما يجهلونه من دِينهم، ويعينهم عليه بالقول والفعل، وستر عوراتهم، وسدّ خلّاتهم، ودفع المضارّ عنهم، وجلب المنافع لهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر برفق وإخلاص، والشفقة عليهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، وتخولّهم بالموعظة الحسنة، وترك غشّهم وحسدهم، وأن يحبّ لهم ما يجبّ لنفسه من الخير، ويكره لهم ما يكره لنفسه من المكروه، والذبّ عن أموالهم وأعراضهم، وغير ذلك من أحوالهم بالقول والفعل، وحثّهم على التخلّق بجميع ما ذكرناه من أنواع النصيحة، وتنشيط هممهم إلى الطاعات... انتهى.
فتذكّر هذه الفتاة بالله عز وجل، وأليم عقابه، ويبيّن لها أن مسلكها هذا سبيل للشرّ والفساد، والوقوع في الفاحشة، وإشانة سمعة أهلها، ونحو ذلك من المفاسد.
وينبغي أن يكون النصح برِفق ولين، ففي الحديث الذي رواه مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه.
ومن أدب النصيحة أن تكون سرًّا، فلا يجهر بها أمام الناس لغير مصلحة راجحة، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: كان السَّلفُ إذا أرادوا نصيحةَ أحدٍ، وعظوه سرًّا، حتّى قال بعضهم: مَنْ وعظ أخاه فيما بينه وبينَه؛ فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس؛ فإنَّما وبّخه. وقال الفضيل: المؤمن يَسْتُرُ ويَنْصَحُ، والفاجرُ يهتك ويُعيِّرُ... انتهى.
فإن انتفعت بالنصيحة، وانتهت، فبها ونعمت.
وإن تمادت في غيّها؛ فيمكن تهديدها بإخبار وليّها، فلعل ذلك يكون زاجرًا لها، فإن تم ذلك؛ فالحمد لله، وإلا فيمكن تنبيه وليّها تلميحًا ليُراقب تصرفاتها، فإن لم يفهم التلميح، فليستخدم معه التصريح؛ ليقوم بكفّها عن الفساد، فقد قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ {النساء:11}. قال السعدي -رحمه الله-: أي: أولادكم - يا معشر الوالِدِين- عندكم ودائع، قد وصّاكم الله عليهم؛ لتقوموا بمصالحهم الدِّينية، والدنيوية، فتعلّمونهم، وتؤدّبونهم، وتكفّونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله، وملازمة التقوى على الدوام، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ. فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها؛ فيستحقّوا بذلك الوعيد والعقاب. انتهى.
وننبه في الختام إلى أن هذه الفتاة أجنبية عنك؛ فالواجب عليك مراعاة الضوابط الشرعية عند محادثتها، بأن يكون ذلك على وجه تنتفي معه الفتنة؛ فلا تكون هذه المحادثة في حال خلوة، ويكون الكلام معها بقدر الحاجة، ونحو ذلك من الضوابط، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 21582.
ويمكن النظر في الكتابة إليها، ويرجى أن يتحقق بذلك المقصود.
والله أعلم.