الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه أما بعد:
فالدم الذي ترينه إن كان بعد مضي خمسة عشر يومًا فأكثر بعد الحيضة السابقة؛ فهذا الدم يعتبر حيضًا؛ لأنه نزل في زمن الحيض، ولو كان لونه خفيفًا، أو غير غزير.
وعليك أن تتركي الصلاة، والصوم، وغير ذلك مما يمنعه الحيض؛ حتى ينقطع الدم، وتري علامة الطهر المعتادة لديك، وهي الجفوف التام -كما ذكرت-، ما لم يجاوز مجموع أيام الدم خمسة عشر يومًا، فإن جاوزها؛ كان استحاضة حينئذ.
وقد ذكرت أن مجموع أيام الدم هي 14 يومًا فقط، ومن ثم؛ فكلها تعتبر حيضًا.
وبالنسبة للطُّهر المتخلّل للحيضة الذي يستمرّ يومًا ونحوه -كما ذكرت-؛ فيعتبر طهرًا، على الراجح، تغتسلين فيه، وتصلّين.
فإذا عاد الدم، أمسكت عن الصلاة؛ حتى يحصل الطّهر، وتري علامته المعتادة، قال ابن قدامة في المغني: فَإِنَّ الْمَرْأَةَ مَتَى رَأَتْ الطُّهْرَ، فَهِيَ طَاهِرٌ: تَغْتَسِلُ، وَتَلْزَمُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ، سَوَاءٌ رَأَتْهُ فِي الْعَادَةِ، أَوْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا.
وَلَمْ يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا بَيْنَ قَلِيلِ الطُّهْرِ وَكَثِيرِهِ؛ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَمَّا مَا رَأَتْ الطُّهْرَ سَاعَةً، فَلْتَغْتَسِلْ. وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ انْقِطَاعَ الدَّمِ مَتَى نَقَصَ عَنْ الْيَوْمِ؛ فَلَيْسَ بِطُهْرٍ؛ بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي حَكَيْنَاهَا فِي النِّفَاسِ: أَنَّهَا لَا تَلْتَفِتُ إلَى مَا دُونَ الْيَوْمِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ـ إنْ شَاءَ اللَّهُ ـ؛ لِأَنَّ الدَّمَ يَجْرِي مَرَّةً، وَيَنْقَطِعُ أُخْرَى، وَفِي إيجَابِ الْغُسْلِ عَلَى مَنْ تَطْهُرُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ حَرَجٌ، يَنْتَفِي بِقَوْلِهِ: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}.
وَلِأَنَّنَا لَوْ جَعَلْنَا انْقِطَاعَ الدَّمِ سَاعَةً طُهْرًا، وَلَا تَلْتَفِتُ إلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ الدَّمِ؛ أَفْضَى إلَى أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ لَهَا حَيْضٌ.
فَعَلَى هَذَا؛ لَا يَكُونُ انْقِطَاعُ الدَّمِ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ طُهْرًا، إلَّا أَنْ تَرَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ انْقِطَاعُهُ فِي آخِرِ عَادَتِهَا. اهـ. وراجعي للفائدة الفتوى: 438934.
والله أعلم.