الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمثل هذا العمل موضع شبهة؛ لأنه من جهة: لا يضرّ أصحاب هذه البيانات في الغالب، بل قد ينتفعون به في كثير من الأحيان عندما تصلهم الدعاية، لما يريدونه دون عناء البحث، وبها يستطيعون المقارنة بين مقدّمي الخدمات، واختيار الأفضل لهم.
ومن جهة أخرى: فهذا العمل فيه نوع تعدٍّ على خصوصية أصحاب البيانات، وقد يسبّب لبعضهم إزعاجًا، أو أذى؛ ولهذا تمنعه الجهات المختصة في بعض الدول.
ومواضع الشبهات ينبغي تجنّبها، والسلامة في البُعْد عنها، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك، إلى ما لا يريبك. رواه أحمد، والترمذي، وصحّحه، والنسائي، وابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني.
وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما مشتبهات، لا يعلمهنّ كثير من الناس، فمن اتّقى الشبهات، استبرأ لدِينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات، وقع في الحرام. رواه البخاري، ومسلم.
ويتأكّد هذا في جانب الحلال والحرام؛ فإنه إذا تعارض الحاظر والمبيح، قُدِّم الحاظر على المبيح.
ومن القواعد الفقهية المقررة: إذا اجتمع الحلال والحرام، غلب الحرام ـ قال السيوطي في الأشباه والنظائر: قال الجويني في السلسلة: لم يخرج عنها إلا ما ندر، فمن فروعها: إذا تعارض دليلان أحدهما يقتضي التحريم، والآخر الإباحة؛ قدّم التحريم في الأصح؛ ومن ثم، قال عثمان لما سئل عن الجمع بين أختين بملك اليمين: أحلّتهما آية، وحرّمتهما آية، والتحريم أحبّ إلينا... اهـ.
وقال الخادمي في بريقة محمودية: إن تعارضت الأدلة، فإن ترجّح جانب الحُرمة؛ فيجب العمل به، وإن الحِلُّ؛ فجائز العمل، والورع تركه، وإن لم يترجّح جانب؛ فجانب الحظر راجح على الإباحة. اهـ.
وعلى ذلك، فما دامت بياناتهم عندك، فما المانع من أن ترسل لهم رسالة جماعية عن طريق البريد، تتضمن إخطارهم بالأمر، وأن من لم يعترض منهم خلال فترة محددة، فإن ذلك يعتبر إذنا منه ضمنيا، وإلا تفعل ذلك؛ فالذي ننصحك به هو أن تجتنب هذا العمل، وأن تبتعد عنه.
والله أعلم.