الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يحتاج إلى بيان مما ذكره السائل، إنما هو النقطة الرابعة، فالرافعة المالية، أو الهامش، يُكيَّف شرعا على أنه قرض، باعتباره مضمونا على المنتفع به، وإلا لما استحق شيئا من ربحه. وبذلك يكون الوسيط في حكم المقرض، فإذا اشترط أن يكون التعامل في هذا المبلغ من خلاله فقط، فقد جر لنفسه بذلك نفعا.
ومع ذلك ... فما أشار إليه السائل بقوله: (هذا المبلغ لم أستلمه سواء بيدي، أو في حسابي)! هو بحد ذاته سببا لفساد المعاملة وحرمتها؛ لأن الوسيط لا يملك أموال الرافعة ملكا حقيقيا مستقرا، وإنما هو مجرد التزام عليه، وليس نقداً حقيقياً، فما هي إلا أرقام يقيدها المضاربون بينهم للاستفادة من فروق الأسعار، فحقيقة العقد أن السمسار أقرض العميل ما ليس عنده، والعميل باع ما لا يملك، مع ما سبق من اجتماع الشرط مع القرض، وكل هذه الأمور منهي عنها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك. رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة، وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقد سبق لنا بيان ذلك وتفصيله، في الفتوى: 368797. وراجع أيضا للفائدة، الفتاوى: 374629، 457393، 103860، 157465.
والحاصل أن التعامل بالرافعة المالية في الفوركس لا يجوز، ولو لم يكن هناك رسوم تبييت، ولا تعامل بالهامش، باعتبارها في حكم أن القرض من شركة الوساطة للعميل، مشروط بأن يتم التعامل عن طريق هذه الشركة نفسها، فتستفيد هي العمولة.
ولذلك فإن الشركات التي تجتهد في التخلص من المحاذير الشرعية لا تتيح التعامل إلا بمال العميل حقيقة، ولا تقرضه ولا تمنحه أي رافعة مالية. وراجع في ذلك سؤال الفتوى: 257806.
والله أعلم.