الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن قولك: (والله إن هذا الجوال محرم عليَّ إذا فعلت هذا الذنب ) يعتبر يمينا لا نذرا، وكونك أردت بذلك منع نفسك من الوقوع في المعصية، وحثها على البعد عنها، فهذا هو مقتضى اليمين ، ولا يعتبر نذرا؛ لأنك لم تلتزم بقربة تفعلها إن وقعت فيما علقت به يمينك.
قال زكريا الأنصاري الشافعي في أسنى المطالب في شرح روض الطالب: (وَأَمَّا نَذْرُ اللَّجَاجِ) وَالْغَضَبِ وَيُقَالُ لَهُ: يَمِينُ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ وَيَمِينُ الْغَلَقِ وَنَذْرُ الْغَلَقِ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ (فَهُوَ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ شَيْءٍ أَوْ يَحُثَّهَا عَلَيْهِ بِتَعْلِيقِ الْتِزَامِ قُرْبَةٍ) بِفِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ (كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا فَإِنْ الْتَزَمَ) فِيهِ (قُرْبَةً) كَصَوْمٍ (أَوْ قُرَبًا) كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ وَصَدَقَةٍ (تَخَيَّرَ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا نَذَرَ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّذْرَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ الْتِزَامُ قُرْبَةٍ، وَالْيَمِينُ مِنْ حَيْثُ الْمَنْعُ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ تَعَيُّنِ الْكَفَّارَةِ (وَإِنْ الْتَزَمَ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ الْقُرْبَةِ (فَعَلَيْهِ إنْ حَنِثَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُشْبِهُ الْيَمِينَ لَا النَّذْرَ. اهـ.
وعليه؛ فإن رجعت للذنب مرة أخرى، فإن عليك كفارة يمين، ولا يحرم عليك الجوال.
وتب إلى الله سبحانه من تلك الذنوب، وخذ بالأسباب التي تعينك على تجنبها، كعدم الخلوة، واجتناب فتح المواقع التي قد ترى فيها ما يدعوك للمعصية، واحرص على مصاحبة الصالحين الذين يذكرونك بالمولى سبحانه ويدعونك إلى طاعته.
وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 10577، 372061، 356419.
والله أعلم.