الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر مما ذكرته من كونكم تشتركون جميعاً في تناول الشاي والبسكويت، وتستعملون جميعاً الأدوات المكتبية، أن ذلك لا يدخل في باب الرشوة، ولا هدايا العمال، خصوصا أنك لم تطلب منهم إحضار هذه الأشياء، ولا اختصصت بشيء منها. ولا سيما إذا كنت تشاركهم في إحضار تلك اللوازم، فيأتي كل منكم بها أو ببعضها أحيانا.
غير أن ثَمَّ احتمال نرى من المستحسن ذكره، وهو: إذا كان هؤلاء الزملاء الذين يحضرون هذه الأشياء التي ذكرت، إنما يحضرونها من أجل أن تغض الطرف عن بعض النواقص اللازمة ونحو ذلك، فحينئذٍ تكون هذه الأشياء داخلة في الرشوة المحرمة.
بوب الإمام البخاري: باب من لم يقبل الهدية لعلة. وقال عمر بن عبد العزيز: كانت الهدية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم هدية، واليوم رشوة. يعني هدايا العمال.
وقد روى البخاري ومسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأزد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أهدي إلي. فقام النبي صلى الله عليه وسلم وتكلم، وكان مما قال: فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه، فينظر أيهدى له أم لا؟
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قالَ ابن بَطَّالٍ: دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْهَدِيَّةَ لِلْعَامِلِ تَكُونُ لِشُكْرِ مَعْرُوفِهِ، أَوْ لِلتَّحَبُّبِ إِلَيْهِ، أَوْ لِلطَّمَعِ فِي وَضْعِهِ مِنَ الْحَقِّ. فَأَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنَّهُ فِيمَا يُهْدَى لَهُ مِنْ ذَلِكَ كَأَحَدِ الْمُسْلِمِينَ لَا فَضْلَ لَهُ عَلَيْهِمْ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْثَارُ بِه. انْتَهَى.
والله أعلم.