الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن القدرات التي ذكرتها رزق ونعمة من الله -تعالى- تستحق منك شكره -سبحانه- عليها، ومن شكر الله -تعالى- أن تستخدمها فيما يعود على الدين بالنفع.
ومن أعظم الطاعات، وأجلِّ القُربات: الدعوة إلى الله -تعالى- بالحكمة والموعظة الحسنة، قال الله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ. {سورة فصلت:33}، وقال -سبحانه وتعالى-: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ. {سورة النحل:125}.
وقول كلمة الحق مطلوب شرعا، ولكن المطلوب قولها بحكمة وعلم، كما أن قولها ليس موقوفا على الصدع بها على المنبر والدخول في مواجهة مع سلطان جائر.
وقد دل الشرع على أن النفع المتعدي أعظم أجرا من النفع الخاص الذي يعود على صاحبه فقط.
والدعوة إلى الله -تعالى- نفعها مُتعدٍّ يعم الناس. بينما كلمة الحق عند السلطان الجائر يكون في الغالب نفعها الديني قاصرا على قائلها، فهو الذي يؤجر عليها، اللهم إلا أن يكون قائلها له صيت وقدر عند عامة المسلمين، فيقتدون به.
وما دمت في أول الشباب، فاشتغل يا بني بتحصيل العلم الشرعي الذي يؤهلك إلى الدعوة إلى الله -تعالى- لا سيما دعوة غير المسلمين، فإنها تحتاج إلى علم تدفع به الشبهات التي سترد عليك، فالاشتغال بالعلم والدعوة أنفع لك وللأمة من الدخول في مواجهة مع السلاطين، وربما لا تصبر مستقبلا على تبعاتها، وقد جاء في الحديث: «لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ» ، قَالُوا: وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ: «يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُهُ» رواه الترمذي وابن ماجه.
ونوصيك بالاهتمام بجانب التزكية وإصلاح النفس وتهذيبها، وراجع في ذلك الفتاوى: 63726، 441490، 70674.
والله أعلم.