الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن تيسر التوافق بينكما في أمر حضانة هذا الولد، فذلك شيء حسن، وينبغي أن تراعى مصلحته في ذلك.
وإن لم يتيسر التوافق بينكما، فمسائل النزاع والخصومات الأفضل أن تراجع فيها الجهة المختصة بالنظر في قضايا الأحوال الشخصية، خاصة وأن في مسائل الحضانة كثيرا من الخلاف بين الفقهاء، وحكم القاضي رافع للخلاف في المسائل الاجتهادية.
هذا بالإضافة إلى أنه قد يعتبر في الحضانة أحيانا مصلحة المحضون، دون النظر إلى كونها حقا للأم أو حقا للأب، والقاضي الشرعي يمكنه أن يقدر ذلك.
وسنذكر لك بعض الأمور على سبيل العموم، وللفائدة، وهي ما يلي:
الأمر الأول: الأصل أن الحضانة حق للأم ما لم تتزوج، أو يوجد بها مانع يسقط حقها في الحضانة.
وإذا سقطت حضانتها لزواجها، أو وجود مانع، تنتقل الحضانة لمن هي أولى بالطفل من النساء حسب الترتيب الذي ذكره الفقهاء، وهو مبين في الفتوى: 6256.
الأمر الثاني: الحضانة حق للأم ما كان الزوجان في بلد واحد، فإن افترقا وانتقل أحدهما إلى بلد آخر، فالأب هو الأحق بالحضانة، وانظري الفتوى: 76166.
الأمر الثالث: يشترط لاستحقاق الأب للحضانة أن تكون عنده أنثى صالحة للحضانة كالزوجة مثلا، وراجعي في ذلك الفتوى: 441997.
الأمر الرابع: إذا كانت الحضانة عند الأم، فللأب الحق في رؤية ولده. فإن مكَّنته الأم من ذلك لم تكن ظالمة له.
وإذا تنازع الأبوان في مسألة رؤية المحضون، وأوقاتها، ومكانها، فالذي يفصل في هذا النزاع هو القاضي الشرعي.
جاء في فتاوى الأزهر: وإذا تعذر تنظيم الرؤية اتفاقًا، نظمها القاضي على أن تتم في مكان لا يضر بالصغير، أو الصغيرة نفسيًا. انتهى.
الأمر الخامس: إذا كان الولد صغير السن لا يستطيع الاستغناء عن أمه، فتكون حضانته عند الأم بكل حال في قول بعض العلماء؛ لكون الأصل في الحضانة مراعاة مصلحة المحضون.
قال ابن القيم بعد أن ذكر أقوال العلماء في حكم الحضانة عند سفر أحد الأبوين: وهذه أقوالٌ كُلها -كما ترى- لا يقوم عليها دليلٌ يسكن القلبُ إليه. فالصوابُ النظر والاحتياط للطفل في الأصلح له والأنفع مِن الإِقامة أو النقلة، فأيُّهما كان أنفعَ له وأصونَ وأحفظَ، روعي، ولا تأثيرَ لإِقامة ولا نقلة. اهـ.
والله أعلم.