الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن سؤالك نقاطا، نجمل الجواب عنها فيما يلي:
أولا: أكثر الحيض خمسة عشر يوما، فإن جاوزها كان استحاضة، ولو كان دما صريحا، ومن باب أولى لو كان صفرة أو كدرة.
ثانيا: الصفرة والكدرة تعتبران حيضا إذا اتصلتا بدم الحيض في زمن إمكانه، فلو نزل على المرأة دم صريح مدة خمسة أيام مثلا، ثم نزلت صفرة أو كدرة قبل رؤية علامة الطهر، فهنا تعتبر تلك الصفرة أو الكدرة حيضا.
وذلك لخبر عائشة -رضي الله عنها-: كان النساء يبعثن إليها بالدُّرْجة فيها الكُرْسُف فيه الصفرة، فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء. رواه مالك ومحمد بن الحسن، وعلقه البخاري.
وأما لو رأت علامة الطهر المعتادة، ثم بعد الغسل رأت صفرة أو كدرة، فلا تلتفت إليها؛ لأنها لا تعتبر حيضا حينئذ.
قال ابن قدامة رحمه الله: حكم الصفرة والكدرة حكم الدم العبيط في أنها في أيام الحيض حيض، وتجلس منها المبتدأة كما تجلس من غيرها. وإن رأتها بعد العادة متصلة بها، فهو كما لو رأت غيرها على ما بينا. وإن طهرت ثم رأت كدرة أو صفرة، لم تلتفت إليها؛ لخبر أم عطية وعائشة. انتهى.
ثالثا: الطهر يعرف بإحدى علامتين:
الأولى: نزول القصة البيضاء. والقصة البيضاء: هي ماء أبيض، يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض، ومتى نزلت تلك القصة؛ فلا عبرة بالصفرة، ولا بالكدرة، لو نزل شيء منهما بعد رؤية القصة البيضاء.
والعلامة الثانية للطهر: حصول الجفاف التامّ، بحيث لو أمرّت المرأة منديلًا على ظاهر المخرج -وهو ما يبدو عند الجلوس- يخرج المنديل نقيًّا، ليس عليه أثر من دم، أو صفرة، أو كدرة.
قال الباجي في "المنتقى": وَالْمُعْتَادُ فِي الطُّهْرِ أَمْرَانِ:
الْقَصَّةُ الْبَيْضَاءُ، وَهِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ.
وَالْأَمْرُ الثَّانِي: الْجُفُوفُ، وَهُوَ أَنْ تُدْخِلَ الْمَرْأَةُ الْقُطْنَ، أَوْ الْخِرْقَةَ فِي قُبُلِهَا؛ فَيَخْرُجَ ذَلِكَ جَافًّا، لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ.
وَعَادَةُ النِّسَاءِ تَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ، فَمِنْهُنَّ مَنْ عَادَتُهَا أَنْ تَرَى الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ، وَمِنْهُنَّ مَنْ عَادَتُهَا أَنْ تَرَى الْجَفَافَ. انتهى.
وما رأيته من إفرازات شفافة بيضاء بعد إدخال القطنة، هو من علامات الطهر، ولا عبرة بالرائحة. وبالتالي؛ فعليك حينئذ أن تبادري بالاغتسال لكونك قد طهرت.
والله أعلم.