الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا نوى شخص السفر من الغد في رمضان، فالواجب عليه أن يبيت نية الصوم، وليس له أن ينوي الفطر، لأنه إنما يشرع له الترخص برخص السفر، إذا خرج من البلد الذي يقيم فيه، وأما قبل ذلك: فلا.
قال الموفق ابن قدامة رحمه الله: إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ حَتَّى يُخَلِّفَ الْبُيُوتَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، يَعْنِي أَنَّهُ يُجَاوِزُهَا، وَيَخْرُجُ مِنْ بَيْن بُنْيَانِهَا، وَقَالَ الْحَسَنُ: يُفْطِرُ فِي بَيْتِهِ، إنْ شَاءَ، يَوْمَ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَوْلُ الْحَسَنِ قَوْلٌ شَاذٌّ، وَلَيْسَ الْفِطْرُ لِأَحَدٍ فِي الْحَضَرِ فِي نَظَرٍ، وَلَا أَثَرٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَن الْحَسَنِ خِلَافُهُ. انتهى.
وحيث إنه قد طلع الفجر وهو لم ينو الصيام، وإنما نواه بعد الفجر، فصيامه باطل، ويجب عليه قضاؤه عند جمهور أهل العلم، وأجاز الحنفية تأخير النية إلى وقت الضحى، وأنه يصح صومه حينئذ.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: التبييت: وهو شرط في صوم الفرض عند المالكية، والشافعية، والحنابلة، والتبييت: إيقاع النية في الليل، ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر، والحنفية لم يشترطوا التبييت في رمضان، ولما لم يشترطوا تبييت النية في ليل رمضان، أجازوا النية بعد الفجر، دفعا للحرج أيضا، حتى الضحوة الكبرى، فينوي قبلها، ليكون الأكثر منويا، فيكون له حكم الكل، حتى لو نوى بعد ذلك، لا يجوز، لخلو الأكثر عن النية، تغليبا للأكثر. انتهى.
وأما إمساكه في ذلك اليوم: فهو واجب على كل حال، لحرمة الزمن، ويقضي يوما مكانه في قول الجمهور.
والله أعلم.