الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان أصدقاؤك أعطوك ما طلبت بطيب نفس منهم؛ فلا حرج عليك في امتلاكه، ولو كنت أنت طلبت ذلك منهم، فقد نص بعض أهل العلم: كالحافظ ابن حجر في الفتح، على جواز طلب الهدية ممن يعلم رغبته في ذلك، ومن المعلوم أن الأصدقاء يكون بينهم ما لا يكون بين غيرهم، إذ يجوز الأكل من طعام الصديق دون إذنه، اكتفاء بالعلم الحاصل من حاله أنّه لا يكره ذلك، لقوله تعالى:.... وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ..... {النور: 61}.
وذكر القرطبي -رحمه الله- في تفسيره عن: محمد بن ثور، عن معمر قال: دخلت بيت قتادة، فأبصرت فيه رطبا، فجعلت آكله، فقال: ما هذا؟ فقلت: أبصرت رطبا في بيتك فأكلت، قال: أحسنت، قال الله تعالى: أو صديقكم. وذكر عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة في قوله: أو صديقكم. قال: إذا دخلت بيت صديقك من غير مؤامرته، لم يكن بذلك بأس، وقال معمر: قلت لقتادة: ألا أشرب من هذا الحب؟ قال: أنت لي صديق، فما هذا الاستئذان، وكان -صلى الله عليه وسلم- يدخل حائط أبي طلحة المسمى: ببيرحا، ويشرب من ماء فيها طيب، بغير إذنه، على ما قاله علماؤنا، قالوا: والماء متملك لأهله، وإذا جاز الشرب من ماء الصديق بغير إذنه، جاز الأكل من ثماره، وطعامه، إذا علم أن نفس صاحبه تطيب به، لتفاهته، ويسير مؤنته، أو لما بينهما من المودة. اهـ.
وأما لو علمت أنهم إنما أعطوك ما أعطوك بسيف الحياء، حين طلبت منهم ذلك، فأخذه يكون سُحْتًا لا يُملَك، ويجب رده إلى أصحابه، وراجع في ذلك الفتوى: 133268.
فإن تعذر رده إليهم، فتصدق به عنهم، وانظر للفائدة الفتوى: 259096.
والله أعلم.