الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطالما كان الاتفاق بينك وبين الشركة بأن تكون الإكراميات لصاحب العمل، فلا يحق لك أخذها دون علمه؛ لوجوب الوفاء بالشروط، ولا سيما التي يُستحلُّ بها المال، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقا، وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني.
وقال القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم، وفيما أعطوا. رواه مالك في الموطأ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في القواعد النورانية: إذا كان حسن الوفاء ورعاية العهد مأمورا به، علم أن الأصل صحة العقود والشروط؛ إذ لا معنى للتصحيح إلا ما ترتب عليه أثره، وحصل به مقصوده، ومقصود العقد: هو الوفاء به، فإذا كان الشرع قد أمر بمقصود العهود، دل على أن الأصل فيها الصحة والإباحة ... اهـ.
ويتأكد هذا بأن الأصل في الإكراميات التي تقدم للعمال بسبب أعمالهم أنه ليس لهم أخذها إلا بإذن صاحب العمل، واحتمال أن تكون تلك الإكرامية يقصد بها الصدقة لا يلغي ذلك الأصل، وهو لزوم دفع ما يأخذه العامل بسبب عمله إلى رب العمل.
وعليه؛ فإما أن تعتذر عن قبول تلك الإكراميات ابتداء، وإذا أخذتها فأدها لصاحب العمل، وهو يأخذها أو يتركها لك إن شاء.
لما روى أبو داود من حديث عدي بن عميرة الكندي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أيها الناس، من عمل منكم لنا على عملٍ، فكتمنا منه مخيطًا، فما فوقه، فهو غلٌ يأتي به يوم القيامة. فقام رجلٌ من الأنصار أسود -كأني أنظر إليه- فقال: يا رسول الله؛ اقبل عني عملك، قال: وما ذاك؟ قال: سمعتك تقول كذا، وكذا. قال صلى الله عليه وسلم: وأنا أقول ذلك، من استعملناه على عملٍ، فليأتِ بقليله، وكثيره، فما أوتي منه أخذه، وما نُهي عنه انتهى.
وللفائدة، انظر الفتويين: 115072، 327532.
والله أعلم.