الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه اليمين غير منعقدة، ولا تجب فيها كفارة على الراجح؛ لأنها ليست على أمر مستقبل، والظاهر مما ذكرت أنك قد حلفت تظن صدق نفسك، ثم تبين خطؤك، وبالتالي فلا إثم عليك.
قال ابن قدامة في الكافي، في فقه الإمام أحمد: واليمين على أربعة أضرب:
يمين منعقدة: تجب الكفارة بالحنث فيها، وهي اليمين على مستقبل متصور، عاقدا عليه قلبه، فتوجب الكفارة، لقول الله تعالى: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ {المائدة: 89}.
الضرب الثاني: لغو اليمين، فلا كفارة فيه، لقول الله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ {المائدة: 89}.
واللغو نوعان:
أحدهما: أن تجري اليمين على لسانه من غير قصد إليها، لما روت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يعني اللغو في اليمين، هو كلام الرجل في بيته: لا والله، وبلى، والله ـ رواه البخاري، وأبو داود، وقال القاضي: هو أن يريد أن يقول: والله، فيجري على لسانه: لا والله، أو عكس ذلك.
والثاني: أن يحلف على شيء، يظنه كما حلف، فيتبين بخلافه، وعنه: في هذا النوع الكفارة؛ لأن ظاهر حديث عائشة حصر اللغو في النوع الأول، وظاهر المذهب الأول؛ لأن هذا يمين على ماض، فلم يوجب الكفارة، كالغموس.
الضرب الثالث: يمين الغموس، وهي التي يحلفها كاذبا، عالما بكذبه، فلا كفارة فيها، في ظاهر المذهب؛ لأنها يمين غير منعقدة، لا توجب برا، ولا يمكن فيها، فلم توجب كفارة، كاللغو، وقد روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: خمس من الكبائر، لا كفارة لهن ـ ذكر منهن: الحلف على يمين فاجرة، يقتطع بها مال امرئ مسلم.
وعن أحمد: أن الكفارة تجب فيها؛ لأنه حالف مخالف مع القصد، فلزمته الكفارة كالحالف على مستقبل. اهـ.
وانظر للفائدة الفتويين: 6644، 110773.
والله أعلم.