الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد روى مسلم في صحيحه عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها قال ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، أو قال سداد من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه لقد أصابت فلاناً فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال: سداداً من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتاً يأكلها صاحبها سحتاً. وقد استدل الحنابلة وبعض الشافعية بهذا الحديث على اشتراط ثلاثة شهود في إثبات فقر من عرف من قبل بغنى، قال البهوتي في كشاف القناع: والبينة فيمن عرف بغنى ثلاثة رجال. لما تقدم في حديث قبيصة من قوله صلى الله عليه وسلم: لا تحل المسألة إلا لأحد ثلاثة رجل أصابته فاقة حتى يشهد له ثلاثة من ذوي الحجا من قومه لقد أصابت فلاناً فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو سداداً من عيش. رواه مسلم، وقال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث: وأما اشتراط الثلاثة فقال بعض أصحابنا: هو شرط في بينة الإعسار فلا يقبل إلا من ثلاثة لظاهر هذا الحديث، وقال الجمهور: يقبل من عدلين كسائر الشهادات غير الزنا، وحملوا الحديث على الاستحباب، وهذا محمول على من عرف له مال فلا يقبل قوله في تلفه والإعسار إلا ببينة، وأما من لم يعرف له مال فالقول قوله في عدم المال.
والله أعلم.