الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطلاق يختلف الحكم فيه باختلاف الصيغة التي تلفظ بها الزوج.
فإذا كان اللفظ صريحا، كقوله لزوجته مثلا: أنت طالق، فهذا اللفظ الصريح لا يتوقف وقوع الطلاق فيه على النية.
قال ابن قدامة في المغني: إذا ثبت أنه يعتبر فيه اللفظ، فاللفظ ينقسم فيه إلى صريح وكناية.
فالصريح يقع به الطلاق من غير نية... انتهى.
وإذا كان اللفظ من قبيل الكناية، فإنه يتوقف على النية.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: لا يَقَعُ الطَّلاقُ بِشَيْءٍ مِنْ أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ إلا بِالنِّيَّةِ. فَإِنْ كَانَ قَدْ نَوَى الطَّلاقَ يَقَعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْوِ، لا يَقَعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى... انتهى.
وإذا تلفظ بالكناية وشك هل نوى بها الطلاق أو لا؟ لم يقع الطلاق.
قال المجد ابن تيمية في المحرر: إذا شك في الطلاق، أو في شرطه، بنى على يقين النكاح... انتهى.
ولم نجد كلاما لأهل العلم في حكم قوله: أعتبرها طلقة، والظاهر -والله أعلم- أن الطلاق لا يكون واقعاً بمجرد صدور هذه العبارة منه.
وههنا أمر مهم يجدر التنبيه عليه، وهو أنه قد يكون دَفَعَه لقول هذه العبارة كونه مغلوبا بالوسوسة في الطلاق. فإذا كان الأمر كذلك، فلا يقع طلاقه ولو تلفظ بصريح الطلاق؛ لكونه غير مختار للطلاق.
قال الإمام الشافعي في كتاب الأم: ... ومن غلب على عقله بفطرة خلقة، أو حادث علة لم يكن لاجتلابها على نفسه بمعصية، لم يلزمه الطلاق ولا الصلاة ولا الحدود. وذلك مثل المعتوه والمجنون، والموسوس والمبرسم، وكل ذي مرض يغلب على عقله، ما كان مغلوباً على عقله. انتهى.
وننصح بأن يشافه زوجك بالسؤال أحد العلماء، أو يراجع المحكمة الشرعية؛ ليبين حقيقة اللفظ الذي صدر عنه. ويبين حاله فيما إن كان موسوسا أم لا، وليستوضحه العالم أو القاضي فيما يحتاج لإيضاح، فيبين له الحكم الشرعي بناء على ذلك.
والله أعلم.