الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فوجود رائحة السجائر في ملابس الزوج؛ ليست دليلا مؤكَّدا على تدخينه السجائر، فمن المحتمل أنه جلس قريبا من شخص يدخن. وعليه؛ فلا يثبت حنث الزوج في اليمين التي حلفها بمجرد هذه الرائحة.
وهذه العبارة التي تلفظ بها الزوج؛ تعليق للظهار على تدخينه السجائر؛ فلا يقع الظهار إلا إذا دخن السجائر.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في الكافي: وإن قال: أنت حرام كأمي، فهو صريح في الظهار؛ لأنه لا يحتمل سوى التحريم. انتهى.
وقال -رحمه الله- في المغني: ويصح تعليق الظهار بالشروط، نحو أن يقول: إن دخلت الدار، فأنت عليّ كظهر أمي، وإن شاء زيد، فأنت عليّ كظهر أمي، فمتى شاء زيد، أو دخلت الدار، صار مظاهرا، وإلا فلا. وبهذا قال الشافعي، وأصحاب الرأي؛ لأنه يمين، فجاز تعليقه على شرط. انتهى.
والظاهر أنّ حلفه بالله في اليمين المذكورة تأكيد لتعليق الظهار، وليست يمينا على إنشاء الظهار؛ فيتنجز الظهار بوجود ما علقه عليه.
قال عليش -رحمه الله- في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك: ولا يخفى أن التخيير بين حنث اليمين، وحنث التعليق، إن وقع المعلق عليه، محله إن علق إنشاء الطلاق، بأن قال: عليه الطلاق ثلاثا، أو المشي إلى بيت الله الحرام، أو الكفارة، إن فعلت كذا، لأطلقنك، أما إن علق الطلاق حالفا عليه، فلا يتأتى تخييره بينهما، إن وقع المعلق عليه، إذ بمجرد وقوعه، وقع المعلق، وبر في حلفه، فلا يتأتى حنثه فيه. انتهى.
وعليه؛ فيقع الظهار بتدخين الزوج السجائر، فيحرم عليه في هذه الحال جماع زوجته، قبل أن يكفر كفارة الظهار، المذكورة في قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا..... {المجادلة: 3ـ 4}.
والله أعلم.