الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن المقرر عند الفقهاء أن الأصل بقاء النكاح، فتظل العصمة باقية بين الزوجين، حتى يثبت الطلاق، بإقرار الزوج، أو ببينة، وهي شهادة عدلين.
وبما أن هذه المرأة لم يثبت طلاق زوجها لها، فهي محكوم لها بكونها زوجة له في الظاهر، فلا يحل لها الزواج من غيره.
وقد نص الفقهاء على أن المرأة التي طلقها زوجها، وأنكر الطلاق، لا يحل لها تمكينه من نفسها، وتهرب منه، لكن لا تتزوج حتى يظهر طلاقها.
قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: ولا تتزوج غيره حتى يظهر طلاقها، لئلا يتسلط عليها شخصان، أحدهما يظهر النكاح، والآخر يبطنه. اهـ
وهذا المحذور وارد هنا، فقد ينكر زوجها أنه أرسل هذه الرسالة، أو يعترف بأنه أرسلها، ويدعي أنه لم ينو بذلك طلاقها، والطلاق بالكتابة يعتبر من جنس الكناية، لا يقع إلا إذا نواه الزوج، كما هو مبين في الفتوى: 8656.
ومثل هذه الأحوال التي فيها ادعاء ينبغي أن تراجع فيها المحكمة الشرعية، فيمكن للقاضي أن يسمع من الطرفين، ويطلب البينات، ويستبين فيما يحتاج إلى بيان.
وعلى كل حال؛ فالنساء غيرها كثير، فابحث عن امرأة مسلمة صالحة، تعينك على أمر دينك ودنياك، وإن قدر لك منها ذرية، أعانتك في تربيتهم، على عقيدة الإسلام، وعلى الخير والفضيلة.
هذا مع التنبيه إلى أن أهل العلم قد ذكروا أن الزواج من الكتابية، وإن كان جائزا في الأصل، إلا أنه لا يخلو من محاذير شرعية، سبق بيان بعضها في الفتويين: 5315، 124180.
والله أعلم.