الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن جهة العموم: فإن حسن العشرة بين الزوجين مطلوبة شرعا، لما يترتب على ذلك من الألفة، والمودة، كما قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}.
قال ابن كثير في تفسيره: أي: طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم، وهيئاتكم، بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف {البقرة: 228 } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم، خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ـ وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقته، ويضاحك نساءه، حتى إنه كان يسابق عائشة -أم المؤمنين- يتودد إليها بذلك، قالت: سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته، وذلك قبل أن أحمل اللحم، ثم سابقته بعد ما حملت اللحم، فسبقني، فقال: هذه بتلك ـ ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها، وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد، يضع عن كتفيه الرداء وينام بالإزار، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله، يسمر مع أهله قليلا، قبل أن ينام، يؤانسهم بذلك صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة {الأحزاب : 21 }..... انتهى.
وما ذكره السائل لا مانع منه، أما فعله أمام أم الزوجة: فيعود إلى عرف الناس، وهل هذا مما يستحيى منه أو لا؟ والأصل اجتناب ما يخدش الحياء، ويستحيى منه عادة، فلا يفعله الزوجان أمام الناس.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وفيه استعمال الأدب في ترك المواجهة بما يستحيى منه عرفا، وحسن المعاشرة مع الأصهار، وترك ذكر ما يتعلق بجماع المرأة، ونحوه بحضرة أقاربها.... انتهى.
ذكر هذا عند شرحه حديث علي -رضي الله عنه- وأمره المقداد -رضي الله عنه- بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن حكم المذي حياء منه، لكونه زوج ابنته فاطمة ـ رضي الله عنها ـ وقد يكون للعرف مدخل في الحكم على هذا الفعل مع الزوجة أمام أمها، فيكون مما لا حرج فيه، ولمزيد الفائدة انظر الفتوى: 37558، ففيها بيان دليل حجية العرف.
والله أعلم.