الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس ما ذكرته من الرياء في شيء، فإن الرياء هو: أن يعمل العمل يريد به محمدة الناس، وصورة ذلك في مسألة الدعاء: أن يظهر أنه يدعو أمام الناس، فيرفع يديه مثلا، ويتضرع، ويتمسكن، لا يريد بذلك قضاء حاجته، ولا وجه ربه تعالى، وإنما يريد أن يقول الناس: خاشع تقي، ونحو ذلك. أما من دعا لمن صنع له معروفا، فقد امتثل أمر النبي صلى الله عليه وسلم القائل: من صنع إليكم مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ، فَادْعُوا لَهُ، حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ. أخرجه أحمد، والنسائي في الكبرى.
فدل الحديث على أن المكافأة بالدعاء محمودة، وأنها ليست داخلة في الرياء، فلو قال لشخص افعل كذا، وأدعو لك، كان واعدا له بالمكافأة المشروعة، ولم يكن ذلك من الرياء في شيء، ومن صنع لشخص معروفا، ليدعو له، فهو من التوسل بدعاء الحي، وهذا جائز، وانظر الفتوى: 174867.
فليست المكافأة بالدعاء، ولا الوعد بها، ولا عمل المعروف ابتغاء الدعاء من الشرك، لا أصغره، ولا أكبره، وليس شيء من ذلك رياء، كما بينا.
والله أعلم.