الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان أولاد أخيها ورثةً لها، بأن كانوا أولاد أخ شقيق، أو أخ من الأب، ولم يحجبهم عاصب أولى منهم، فإن الوصية للوارث ممنوعة شرعا، قال البهوتي -رحمه الله- في شرح منتهى الإرادات: وَتَحْرُمُ الْوَصِيَّةُ مِمَّنْ يَرِثُهُ غَيْرُ زَوْجٍ، أَوْ غَيْرُ زَوْجَةٍ، بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ لِأَجْنَبِيٍّ، وَلِوَارِثٍ بِشَيْءٍ نَصًّا، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي صِحَّتِهِ، أَوْ مَرَضِهِ... وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا لِلْوَارِثِ بِشَيْءٍ؛ فَلِحَدِيثِ: إنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ، مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ. (وَتَصِحُّ) هَذِهِ الْوَصِيَّةُ الْمُحَرَّمَةُ (وَتَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ، رَوَاهُمَا الدَّارَ قُطْنِيُّ. اهـ.
وإن لم يكونوا ورثةً لها أصلا: بأن كانوا أولاد أخ من الأم، أو كانوا ورثة -أولاد أخ شقيق، أو أخ من الأب-، ولكنهم حُجِبُوا بعاصبٍ أقرب، فإن الوصية لهم بما لا يزيد على الثلث؛ وصية صحيحة.
والذي يظهر أن الوصية المذكورة معلقة بشرط البناء المذكور، وقد نص الفقهاء على أن الوصية المعلقة بشرط بعد الموت صحيحةٌ، وتبطل بعدم حصول الشرط.
جاء في تحفة المحتاج: يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْوَصِيَّةِ بِالشَّرْطِ فِي الْحَيَاةِ، أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ، كَأَوْصَيْتُ بِكَذَا لَهُ، إنْ تَزَوَّجَ بِنْتِي، أَوْ رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ، أَوْ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا، أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ، فَشَاءَ، أَوْ إنْ مَلَكْت هَذَا، فَمَلَكَهُ. اهـ.
فإذا رفض الموصى لهم استعمال ذلك المال في البناء، على وفق الشرط؛ فإنه لا حق لهم فيه، ويقسم المال الموصى به بين الورثة القسمة الشرعية.
والله أعلم.