الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي السائل أولا أن الفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ المحاكمُ الشرعية، أو من ينوب منابها، وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوى، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك.
وأما المفتي، فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا، وما سنذكره هنا، إنما هو على سبيل العموم، والإرشاد، والتوجيه فنقول:
1) إن ثبت أن جدك أوصى لك بتلك الوصية ثبوتا شرعيا، فإن الوصية لك صحيحة، وليس لأحد من الورثة الحق في حرمانك من حقك الشرعي في الوصية.
2) إذا كان الموصَى به لك ــ الشقة والمحل ــ يزيد على ثلث تركة جدك، فإن لك الحق في مقدار الثلث منهما فقط، لأن الوصية لغير الوارث تكون في حدود الثلث فقط، وما زاد عنه لا بد فيه من رضا الورثة، قال ابن قدامة في المغني: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِغَيْرِ الْوَارِثِ تَلْزَمُ فِي الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ، وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يَقِفُ عَلَى إجَازَتِهِمْ، فَإِنْ أَجَازُوهُ جَازَ، وَإِنْ رَدُّوهُ بَطَلَ. فِي قَوْلِ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ. اهــ.
3) يجوز لك رفع القضية للمحكمة؛ للمطالبة بحقك الشرعي، ولكن لا يجوز لك أن تكذب، وتحلف عند القاضي على أمر تعلم أنك كاذب فيه، وانظر الفتوى: 100473، عن حكم الحلف كذبا عند القاضي للحصول على الحق.
4) التوبة تصح من كل ذنب، فمن حلف كاذبا، فله توبة، وتوبته أن يندم على ما فعل، ويعزم في المستقبل أن لا يعود للكذب، وإن ترتب على حلفه ضياع حق لشخص، وجب رده إليه، أو ضمانه، وانظر الفتوى: 164835، في كيفية التوبة من شهادة الزور، وهل يلزم أن يرجع إلى المحكمة ويكذب نفسه أم لا؟.
والله أعلم.