الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أصدقاؤك وكلاء عن أصحاب الأضاحي، فليس لهم أن يبيعوا شيئا من لحومها؛ إذ ليس للمضحي أن يبيع شيئا من لحمها، ووكيله مثله.
قال ابن رشد في بداية المجتهد: وَالْعُلَمَاءُ مُتَّفِقُونَ فِيمَا عَلِمْتُ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ لَحْمِهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي جِلْدِهَا، وَشَعْرِهَا، وَمَا عَدَا ذَلِكَ، مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْهَا، فَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ: أَيْ بِالْعُرُوضِ. اهــ.
وإن كانوا وكلاء عن الطلاب في قبض الأضحية، فلا يبيعون شيئا من الأضاحي إلا بإذن من الطلاب؛ لأن من أهدي له من لحم الأضحية، أو تُصدِّق به عليه، جاز له بيعه -إن شاء-.
قال الماوردي الشافعي في الحاوي: أَمَّا بَيْعُ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ، فَلَا يَجُوزُ فِي حَقِّ الْمُضَحِّي لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الْفَقِيرَ} فَنَصَّ عَلَى أَكْلِهِ، وَإِطْعَامِهِ، فَدَلَّ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِهِ..... وَأَمَّا الْفُقَرَاءُ فَعَلَى الْمُضَحِّي أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِمْ مِنْهَا لَحْمًا، وَلَا يَدْعُوَهُمْ لِأَكْلِهِ مَطْبُوخًا ... فَإِذَا أخذوه لَحْمًا جَازَ لَهُمْ بَيْعُهُ، كَمَا يَجُوزُ لَهُمْ بيع مَا أَخَذُوهُ مِنَ الزِّكْوَاتِ، وَالْكَفَّارَاتِ، وَإِنْ لَمْ يُجْزِ الْمُزَكِّي، وَالْمُكَفِّرَ بَيْعُهُ. اهــ.
وإذا وكَّلهم الطلاب في بيعها، فإنهم يدفعون الثمن بعد قبضه، ولا يتصرفون فيه بغير إذن الطلاب بصيانة، ولا شراء كتب، ولا غير ذلك، ما دامت الأضاحي مخصصة لهم.
والله أعلم.