الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في عظم حقّ الوالد، ووجوب برّه، والإحسان إليه؛ خاصة إذا كان الوالد في حال ضعف، ومرض، لكنّ برّ الوالد والقيام بحقّه؛ لا ينحصر في المقام عنده، لا سيما إذا كان قائما بنفسه -أي غير محتاج للخدمة- أو عنده من يقوم عليه ولو بأجرة، فبرّ الوالدين باب واسع.
جاء في غذاء الألباب، في شرح منظومة الآداب: وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ: إيصَالُ مَا أَمْكَنَ مِن الْخَيْرِ، وَدَفْعُ مَا أَمْكَنَ مِن الشَّرِّ، بِحَسَبِ الطَّاقَةِ. انتهى.
فإذا رجعت إلى أهلك، وأقمت معهم، وتعاهدت والدك بالسؤال، والزيارة، والإحسان بالمال -حسب الطاقة- ونحو ذلك؛ فقد بررت والدك، ولست عاقا له، وإذا كان بقاؤك مع أبيك؛ فيه تضييع لحق زوجتك وأولادك؛ فهذا غير جائز؛ والواجب عليك أن تعطي كل ذي حق حقّه، وتجمع بين برّ أبيك، والقيام بحقّ زوجتك وأولادك، فتقيم مع أولادك، وتوفيهم حقّهم، وتتعاهد والدك بالسؤال والزيارة -قدر وسعك.
والله أعلم.