الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا العمل لا حرج فيه من حيث الأصل، لكنه مظنة لحصول مفاسد عظيمة، وضبط ذلك مما قد يتعذر، والشريعة الغراء قد سدت باب الذرائع المفضية إلى الحرام، فحرمتها، فمنعت هدايا العمال، وسمتها غلولاً، ففي الحديث: هدايا العمال غلول. صححه الألباني.
وذلك لأن الهدية مظنة لاستمالة القلب، والمحاباة في العمل، وقد بوّب الإمام البخاري: باب من لم يقبل الهدية لعلة، وقال عمر بن عبد العزيز: كانت الهدية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم هدية، واليوم رشوة ـ يعني هدايا العمال. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: الذريعة ما كان وسيلة وطريقًا إلى الشيء، لكن صارت في عرف الفقهاء عبارة عما أفضت إلى فعل محرم، ولو تجردت عن ذلك الإفضاء لم يكن فيها مفسدة؛ ولهذا قيل: الذريعة: الفعل الذي ظاهره أنه مباح، وهو وسيلة إلى فعل المحرم. اهـ.
وهنا لا يمكن أن يوكل الأمر في هذا إلى ضمير الموظف وإيمانه، بحيث يشترط عليه في جواز ذلك عدم غش المرضى، وتقديم مصلحتهم على مصلحة نفسه، أو مصلحة جهة عمله، وبالتالي: يتعين منع ذلك مطلقا، من باب سد الذرائع المفضية إلى تلك المفاسد، وقد قال العلوي في مراقيه: سد الذرائع على المحرم * حتم ـ أي واجب.
وخلاصة القول أن أخذ شيء من المستشفى مقابل تحويل المريض إليه مما يتجه المنع منه، وكذلك دفع شيء للأطباء للترويج إليه، لما قد يترتب على ذلك من مفاسد.
والله أعلم.